عصام أمان الله بخاري
ما هي المعايير التي يتم بناء عليها اختيار القيادات الجديدة في مؤسستك أو شركتك التي تعمل بها ؟ في كثير من بلدان ما بعد الثورات العسكرية يقفز الولاء ليكون المعيار الأهم و قبل أي قدرة أو كفاءة و هذا ما تسبب بتعطيل التنمية في كثير من دول العالم الثالث التي مرت بتجربة الانقلابات العسكرية و صارت المناصب فيها نوعا من توزيع الغنائم حتى في قطاعات أكاديمية و بحثية . من ناحية أخرى و بعيداً عن الإدارات الثورية ، وضع الخبراء في موقع بيت.كوم , المتخصص في التوظيف و استقطاب الكفاءات ، اثنا عشر معياراً لمن سيتبؤون مناصب قيادية في الشركات و المؤسسات و شملت : الصدق و النزاهة ، القدرة على المخاطرة ، التفاؤل و الحماس ، الالتزام بالتطور ، الرؤية ، العملية و الواقعية ، المسؤولية ، العمل بضمير و بجد ، الثقة بالنفس ، الذكاء العاطفي ، الخبرة المهنية ، و أخيراً القدرة على جذب الآخرين . و لعلي أعلق على نقطتين فقط لأن كل واحدة من هذه الصفات يمكن تأليف كتب حولها . النقطة الأولى هي العمل بضمير و جد ، شخصياً من العبارات التي أبغضها «لا تعمل بجد بل اعمل بذكاء!» حيث ارتبطت هذه العبارة لدي بالتحايل و التذاكي على صاحب العمل أو الإدارة أو ما يمكن تسميته في اللهجات المعاصرة «الفهلوة»، و تتمثل عادة في أشخاص أذكياء في التواصل الاجتماعي قادرين على تلميع أنفسهم و سرقة جهود الآخرين و إيهام صانع القرار بأنهم يعملون بكل جد و اجتهاد ، و أذكر عبارة لأحدهم بقوله :»لا يهم أبداً جودة العمل بل المهم هو طريقة العرض و الانطباع الذي ستتركه عند المسؤول عن هذا العمل حتى لو كان كاذباً»، و رغم إمكانية نجاح أصحاب هذه الطريقة في الوصول لكن سرعان ما ينكشفون مع أول اختبار حقيقي على الأرض ، و في وجهة نظري المتواضعة فالقائد الحقيقي من يكون قدوة لزملائه و موظفيه في التفاني و الإخلاص و الحرص على الإنتاجية و الانضباط في مواعيد العمل و تسليم المشاريع . أما النقطة الثانية فهي القدرة على المخاطرة ، بكلمة أخرى القائد الناجح عنده أخطاء و السبب أنه يبادر بتنفيذ الأعمال و المشاريع الجديدة و يتعلم من أخطائه و يعود أقوى و أفضل هو و فريقه . و بالمقابل فالذي لا يخطىء أبداً هو ذلك الذي لا يقوم بأي شيء أو لا يطور العمل إطلاقاً و يكتفي بنفس الأساليب الروتينية التي طوى عليها الزمن . و ننتقل إلى عنوان المقالة و هو كيف تختار شركة أمازون القادة الجدد ؟ في محاضرة حوارية استضافت الإعلامية سوزي ويلش عدداً من الرؤساء التنفيذيين الكبار و طرحت عليهم السؤال : كيف تختار الأشخاص الذين سيتم ترقيتهم لمناصب قيادية بشركتك ؟ تفاوتت الإجابات بين أشخاص ركزوا على الحماس و القدرة على تحفيز الآخرين و غيرهم ركزواعلى الإمكانيات و القدرات , و لما طرح نفس السؤال على جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون أجاب باقتضاب : «ساختار الأشخاص الذين هم على صواب معظم الوقت!». فردت عليه مديرة الحوار:» يبدو أنك تعني معدلات الذكاء و النباهة؟». فنفى جيف بيزوس ذلك بقوله :»لا يهمني كم هم أذكياء بل أريد أن أرى تاريخاً مهنياً مليئاً بقرارات صحيحة معظم الوقت في الظروف الصعبة ، ذلك ما يهمني فعلا!». شخصياً و بعد التعرف على منهجية جيف بيزوس في اختيار القادة الجدد ، أصبحت أكثر اهتماماً في مقابلات التوظيف بمعرفة قدرة الشخص الذي أمامي و خبراته السابقة في اتخاذ قرارات صحيحة في أصعب الأوقات و أحلك الظروف . و لتبسيط الأمر أكثر لا يهم إطلاقاً معدل الذكاء أو الكم المعلوماتي و الثقافة لدى القائد الجديد مقارنة بالقدرة على تحليل المواقف و اتخاذ القرارات الأفضل و القدرة على تنفيذها . و أختم بكلمات هارولد سيمور :»القادة العظماء يوقدون في نفوس أتباعهم الإيمان بالماضي ، و العمل للحاضر و الأمل بغد أفضل».