![]() |
أعيدوا للفرد ضميره
http://vid.alarabiya.net/images/2013...x4_142x185.jpg
بدرية البشر في حادثة ليست الأولى من نوعها ، ضبط جمهور «تويتر» سيدة توقّع باسمها الصريح وبلقب علمي وهو «الدكتورة»، حينما كانت تمارس موقفين متناقضين ، فهي من جهة كانت تغرّد دعماً لمناهضي برنامج الابتعاث الحكومي الذي يرسل الشبان والشابات إلى جامعات العالم المتقدم على حساب الحكومة ، ومن جهة تدعو بالتوفيق للمشايخ الذين يحتسبون ضد هذا البرنامج ، وإذا بها في تغريدة تالية تنسى ما كانت عليه فتنشر خبراً عن ذهاب ابنها المبتعث لدراسة الماجستير وتطلب من الناس الدعاء له فهي فخورة بما آل إليه ، فثار بعضهم ضدها قائلاً : «يعني أولاد الناس حرام يروحون يدرسون برا وولدك معليش»؟ لكن ضميرها لم يسعفها سوى بالتملص قائلة : «إن الحكومة هي من ابتعثته» فما كان من جمهور المدرجات «التويتري» إلا أن حملوا عليها بالمطالبة بإعادة ابنها لها. ليس عجيباً ولا غريباً أن يضبط الكثيرون منّا في مواقف تناقض خالية من الضمير الحي ، فأنا منذ يومين ضبطت شاباً سمّى نفسه «ولد نوف» هاجمني لأنني انتقدت موقف أحد المشايخ المتشددين ووصفني بأقذر الألفاظ ، واتهمني بالعهر ، وحين فتحت حسابه وجدت أن غالبية ما يتابعه حسابات جنسية ويطلب من أصحابها أن يحدثوه على الخاص . هذه الظاهرة في مجتمعاتنا ليست غريبة والجميع يمارسها من دون قلق ، فقد أخبرني طالب كيف كان شيخهم في المعسكرات الطالبية يحدثهم عن الزهد والتقشف وتركِ الحياة الدنيا والذهاب للجهاد ، ويحدثهم عن الصحابة الذين ينامون على الجوع والحصير ، وما إن ينهي خطبته حتى يجلس إلى سفرة طعام فوقها خروف مطبوخ يأكله أمامهم بنهم وبلا تقشف ولا زهد ، وهذا الشيخ نفسه حين كبروا وجدوه يعيش في قصر كبير ولديه أربع سيارات فارهة. أيضاً المشايخ الذين يحاربون العمل والابتعاث يتوسطون لأقاربهم ليبتعثوا ويعملوا وهم يركبون الطائرات المتجهة كل صيف إلى تركيا وماليزيا. بعضنا يقول إنه أصبح هكذا من باب «التقيا» وكسب الاحترام ، وبعضهم يقول إنه يفعل ذلك من باب السلامة ، لكن ما يحدث بيننا هو النفاق والرياء بعينه ، وهذه الظواهر ربما يكون مردها أن الفرد إما أنه لا يعرف ما يريد ، أو أنه يخاف أن يكون ما يريد ، فهو في المدرسة لا يدرّس التفكير والمنطق والاستنتاج بل يُملى عليه ما هو الحق والصواب ، ويؤخذ عليه إن خرج عن الصورة النمطية الشائعة ، فهو يدرّس مثلاً أن الأغاني حرام و المسرح حرام و المحادثات مع النساء والاختلاط بهن حرام ، لهذا يفهم أن الحياة هكذا ، ولو أراد ممارسة ما ليس صحيحاً من وجهة نظر المجتمع فيجب عليه أن يمارسه سراً ، ولو أتيحت له فرصة التعبير في المنابر العامة مثل المنصات الإلكترونية فعليه أن يكون ضد نفسه تماماً ليكون مصيباً أو فاضلاً . التيار المتشدد فرض على الناس الفضيلة - كما يتصورها - بالإكراه لكنه لم ينجح في جعلهم فضلاء قولاً وفعلاً ، ولم يسمح للناس أن تفهم أن هناك مواقف خلافية في الدين تسمح بالشيء في مذهب وتمنعه في آخر ، وأن من حقه اتباع ما يمليه عليه ضميره وعقله ، لهذا وجد الناس أنفسهم في التناقضات ومن السلامة أن تأخذ موقف الغالبية العظمى التي تكذب ولا تكون نفسك ! ليس الأفراد وحدهم من وجدوا أنفسهم تحت منهج الإكراه والخوف من المواجهة فيمارسون الشيء ونقيضه ، بل حتى المسؤولون لدينا يفعلون الشيء ذاته ، فهم حين يسافرون إلى الخارج يتحدثون بخطاب يدعم التحديث والتطوير والديموقراطية ، وحين يعودون إلى الداخل يختلف الخطاب فيصبح لا تغيير ولا تحديث ولا محاورة. هكذا أصبحنا مجتمعاً من طابقين تماماً مثلما نفعل في بيوتنا ، طابق للضيوف يكذب وينافق بينما نحن في الغرف الخلفية نفعل ما نشاء بلا حسيب ولا رقيب ! كيف نصبح مجتمعاً حقيقياً إذا كانت العلاقات بين أفراده قائمة على الخداع ؟ وكيف يصبح الضمير ضميراً إن كان لا يتمرن على حدوده بين الناس ؟ فهو دائماً في إجازة طالما أن هناك من يقرّر عنه ! تعليق : مقال في منتهى الأهمية و فكرة الموضوع تعني الفرق بين مجتمع متأزم و مجتمع منفتح يحل مشاكله بدون وصاية أو خوف , شكرا" بدرية على هذا الفكر النير و بعض الدرر التى تعتبر خطوط عريضة لطريقة تفكير سليم خالي من العقد و التناقض . الفقرات التالية من المقال محتاجة تدبر و تأمل لانها منهج للفكر السليم و تصحيح لمسار خأطئ وردنا التهلكة . 1 - التيار المتشدد فرض على الناس الفضيلة - كما يتصورها - بالإكراه لكنه لم ينجح في جعلهم فضلاء قولاً وفعلاً ، ولم يسمح للناس أن تفهم أن هناك مواقف خلافية في الدين تسمح بالشيء في مذهب وتمنعه في آخر ، وأن من حقه اتباع ما يمليه عليه ضميره وعقله ، لهذا وجد الناس أنفسهم في التناقضات ومن السلامة أن تأخذ موقف الغالبية العظمى التي تكذب ولا تكون نفسك ! 2 - بعضنا يقول إنه أصبح هكذا من باب «التقيا» وكسب الاحترام ، وبعضهم يقول إنه يفعل ذلك من باب السلامة ، لكن ما يحدث بيننا هو النفاق والرياء بعينه ، وهذه الظواهر ربما يكون مردها أن الفرد إما أنه لا يعرف ما يريد ، أو أنه يخاف أن يكون ما يريد ، فهو في المدرسة لا يدرّس التفكير والمنطق والاستنتاج بل يُملى عليه ما هو الحق والصواب ، ويؤخذ عليه إن خرج عن الصورة النمطية الشائعة ، فهو يدرّس مثلاً أن الأغاني حرام و المسرح حرام و المحادثات مع النساء والاختلاط بهن حرام ، لهذا يفهم أن الحياة هكذا ، ولو أراد ممارسة ما ليس صحيحاً من وجهة نظر المجتمع فيجب عليه أن يمارسه سراً ، ولو أتيحت له فرصة التعبير في المنابر العامة مثل المنصات الإلكترونية فعليه أن يكون ضد نفسه تماماً ليكون مصيباً أو فاضلاً. |
رد : أعيدوا للفرد ضميره
اقتباس :
والحوار والإقناع بكل ما هو صواب وما هو خطأ وما هو حرام وماهو حلال أو مستحب فينشأ الفرد بقناعات راسخة لا تتزعزع لمقولة فلان أوعلان وفكر مستنير ومميز لا تختلط عليه الأمور وبضمير حي يعلم أن الله رقيب عليه وليس الوالدين أو المجتمع عندها لن يكون متناقضاً مع نفسه اقتباس :
أغلبها ليست من المنهج الشرعي الصحيح بل هي رؤية شخصية والبعض يُعلِّم الناس الفضيلة ولكنها تأخذ شكل حافظ على صورتك أمام المجتمع كقول ( ماذا سيقول عنك الناس ) فهم امام الناس فضلاء وإذا ابتعدوا عن اعين الناس مارسوا الرذائل دون رادع من ضمير أو خُلق نبيل وراقي وكثير من عامة الناس الذين يجهلون مقاصد الشريعة الإسلامية ويتبعون آراء بعض المتشددين دون تفكير وتمحيص يقعون في المحظور وهم يريدون الخير مثل أولئك الذين يغررون بالشباب للذهاب إلى الجهاد بدون اذن الوالدين وولي الأمر وكم عاش الكثير من الآباء بقلوب وجلة على ابناءهم وبحسرة عظيمة عند فقدهم وهنا يقع اللوم على التيار الآخر الغير المتشدد الذي يتبع الوسطية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية قال تعالى ( وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً ) ودور الأعلام في تثقيف الشباب المندفع وتوعيتهم للحفاظ على أرواحهم وافكارهم من الإنحراف نحو الإرهاب والتشدد اقتباس :
والحقيقة لا يجب علينا اتباع الغالبية بل علينا النظر لما يوافق الشريعة الإسلامية والعقل السليم والفكر المستنير فالله عز وجل في القرآن ذم اتباع الغالبية من أجل انهم الأكثر فقط بدون تفكير فنجد كثير من الآيات يقول فيها الله عز وجل ( ولكن اكثرهم لا يعلمون ) وأحياناً ( لا يعقلون ) وأحياناً ( لا يشكرون ) فالكثرة لا تعني الصواب دائماً بل التفكر والتدبر هو الذي يدلنا على الحق والصواب بعد كتاب الله وسنة نبيه اقتباس :
لأن اتباع مبادئ ومعتقدات تُملى عليه دون اقناع من الُمملي كالشيوخ أو التربويين وبالتالي عدم اقتناع الفرد المُتلقي لتلك المبادئ والمعتقدات قناعة تامة راسخة سينشأ عنها ضمير في اجازة وخداع أمام المجتمع ، فإذا أمِن الرقابة سواء من الأهل او المجتمع حتما سيفعل ما يناقض تلك المبادئ التي اُمليت عليه دون اقتناع بها فالفرد حين يكون مقتنع بما يفعله أنه صواب لا يهمه نظرة المجتمع له لأن ارضاء الناس غاية لا تُدرك والحقيقة الكثير من فئات المجتمع تحتاج إلى احياء الضمير والتربية على الحوار المقنع بما لا يتعارض مع الشريعة عندئذِ سيتصرف وهو في غرفته وحيداً كما يتصرف حين ينظر الجميع إليه فهو مقتنع تماماً بصواب ما يفعله شكراً أستاذ برواز راقني جداً ما انتقيته وطرحته هنا رائعٌ انت بفكرك وتعاملك http://alqatareya.net/uploads/1398785179031.jpg |
رد : أعيدوا للفرد ضميره
شكرا" شفافية على تفاعلك و بدون شك مقال مميز و فيه فكر مستنير يجب التوقف عنده و فهمه و مناقشة افكاره مع الاصدقاء و الاهل و الجميع متى ما جاء مجال لتصحيح المفاهيم و تطوير مجتماعاتنا . سعدت بمرورك و دمتي بود ...
http://alqatareya.net/uploads/1398793561271.jpg |
الساعة الآن 08:14 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.