منتديات القطرية

منتديات القطرية (https://www.alqatareya.com/vb/index.php)
-   المنتدى العام (https://www.alqatareya.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   دروس فاروق (https://www.alqatareya.com/vb/showthread.php?t=2996)

البرواز و الصورة 08-10-2015 09:20 AM

دروس فاروق
 
http://alqatareya.net/uploads/14442851361.jpg

سمير عطا الله

ظهرت دعوات كثيرة في مصر و لبنان القرن الماضي من أجل اعتماد اللغة المحكية المحلية و الكتابة بالحرف اللاتيني . و كان أبرز الدعاة المفكر الاشتراكي سلامة موسى الذي تأثر بالإقامة الطويلة في فرنسا و بريطانيا ، و الشاعر سعيد عقل الموله بتاريخ فينيقيا و ماضيها المزدهر . كلاهما لعاطفة واحدة و نشأة ثقافية مختلفة لم يعبأ بالعصور العربية التي صهرت بلديهما . موسى أراد العودة إلى مصر بعلومها القديمة و حضارتها الفرعونية و البعد عن هموم العرب و مشاكلهم و عقل أراد الغاية نفسها , لم يلق أي منهما تبعية تعتبر . كلاهما بنى على أن الفصحى معقدة و صعبة و كثيرة المتاهات فلماذا لا نبسطها باللجوء إلى لغة موازية . و كلاهما ادعى من دون أي صلة بينهما أو حتى معرفة متبادلة أن الإيطاليين و الفرنسيين تخلوا عن اللغة اللاتينية و عادوا مع سواهم إلى لغتهم الوطنية و هذا صحيح و كان دانتي شاعر إيطاليا أول من فعل ذلك ، لكن الصحيح المقابل أن اللاتينية لم تكن لغة أوروبا المحكية في أي وقت كانت لغة الكتابة والقراءة أي لغة الكنيسة . و كانت العلوم أو الدراسات من أجل الكنيسة وحدها طوال زمن . لذلك عندما زالت سيطرة الكنيسة و انتشرت العلوم الأخرى لم تحدث للشعوب حالة انفصام بالعودة إلى لغاتها اليومية . العربية كانت لغة الناس في المجامع و في الشارع و في الخيام في الجاهلية و في الإسلام و ما دخلها من هجائن إنما دخل عامياتها . و إذا أراد المغربي و الجزائري التفاهم مع المصري أو العراقي فلا ينفعهما سوى الفصحى و جذورها فلا هذا يعرف معنى كلمة «خاشوقة» و لا ذاك يعرف كلمة «واخا» أو «ديالي». العربية خلافًا لسواها كانت أيضًا لغة الهوية الكبرى لم يحدث ذلك لأهل اللغات الأخرى . ثار الأميركيون على البريطانيين في حرب الاستقلال على الرغم من أن اللغة واحدة و الدين واحد و الجذور واحدة بينماأول ما طلبته الدول العربية المستقلة هو التعريب . و لا شك أن في المطالبة المحكية غرضية سياسية واضحة أو نزعة عدائية مضمرة . و بعد سلامة موسى أوائل القرن عادت الدعوة إلى «مصر» و الخروج من العروبة في منتصفه أيضًا و في ذروة الفورة القومية و كان من أبرز الدعاة يومها الروائي إحسان عبد القدوس . و يحضرني في المناسبة ما كان يرويه رئيس وزراء لبنان الراحل تقي الدين الصلح عن أن الملك فاروق طلب منه إعطاءه دروسًا في معنى العروبة و كان يصغي إليه مثل أي تلميذ عادي .


الساعة الآن 12:29 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.

Security team