![]() |
« الإسلام و أصول الحكم » .. مئة عام
http://alqatareya.net/uploads/174369739190661.jpg
رشيد الخيون مر قرن على صدور «الإسلام وأُصول الحكم»، للشيخ علي عبد الرَّازق (ت: 1966)، (أبريل 1925). مع ذلك ، مازالت المواجهة بين مَن يريدها «حاكمية إلهيَّة»، مفسراً « الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ »(ثلاث مرات في القرآن) بالسلطة السياسية ، ومن يراها مدنية ، فالاية قصدت القضاء الشرعي ، وقضاء الله وقدره ( ابن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة)، وهنا لا حاكمية إلهية سُنية ، ولا ولاية فقيه شيعية . أُعيد نشر الكتاب بكثافة سنوات عنفوان الصحوة الدينية من القرن المنصرم للاحتجاج به عليها ، لِما فيه مِن حِججٍ ضد مروجها الإسلام السياسي . تجدد قرظ الكتاب ، كما تكاثر نقَضه ، مع أن الردود عليه ليست قليلة ، حال صدوره (1925). مِن الرّدود الحديثة ، كتب محمد عمارة (ت: 2020)، بعد تحوله إلى نصرة الصحوة ، مقالات في مجلة «الدَّوحة»(1986)، بعنوان « الإسلام وأُصول الحكم لعلي عبد الرازق دراسة ووثائق »، ثم جمعها في كتاب صدر (2000). صحيح أنه وثق لقضية الكتاب ، لكن جوهر ما ورد كان للنقض ، ومحاولة لتسفية عِلم مؤلفه . ربما كان آخر النقائض المعاصرة ، ما أعده عبد المعبود إسماعيل « كتاب الإسلام وأُصول الحكم للشيخ علي عبد الرازق دراسة وصفية نقدية »، المنشور في مجلة جامعة الأزهر كلية أُصول الدين بالمنوفية (العدد 35/2016)، كتبه على ما يبدو لدعم الدعوة للخلافة ، وكتاب الشيخ أحبط حلم دعاتها . جعل الكاتب بعيداً عن الموضوعية ، أسرة آل عبد الرازق من أعوان الاستعمار الذي « خطط لفصل المسلمين عن الإسلام » ، وخدم به حسب معد المقال « أتاتورك اليهودي من فرقة الدونمة »، ولا يذكر مصدر هذا النسب ؟ أَما النقائض التي زامنت صدور الكتاب ، فلم تمض السنة (1926) إلا و« المكتبة السلفية » بالقاهرة تنشر ثلاثة كتب يرد فيها أصحابها على « الإسلام وأُصول الحكم » : « حقيقة الإسلام وأُصول الحُكم » لمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي (ت: 1935)، و« نقض الإسلام وأُصول الحكم » للشيخ محمد الخضر حسين التّونسي (ت: 1958)، - أصبح شيخ الأزهر بعده - و« نقد علمي لكتاب الإسلام وأُصول الحُكم » لمفتي الدّيار التونسية و صاحب التّفسير « التّحرير والتّنوير»، الشيخ محمد الطّاهر ابن عاشور (ت:1973). غير أن أكثر من سل السيوف على صاحب الكتاب ، أبوالإسلام السياسي الشيخ محمد رشيد رضا (ت: 1935)، في مجلته «المنار»، فقد اعتبره هادماً للإسلام ، ومفرق الجامعة الدينية ، وهي الخلافة ، مطالباً بتكفيره وتضليله . كتب في العدد الثالث (21/6/1925)، بعد نشر الكتاب بشهرين ، أن الشيخ عبد الرازق في كتابه نطق بـ « تحليل الحرام ، وتحريم الحلال ، ومنع الحكم بما أنزل الله ، و إباحة حُكم الطّاغوت ». هذا و بالمقابل ، دافع عن مؤلف الكتاب وقرظه كُتاب وأدباء كبار من أهل التنوير والمدنية ، مثل : طه حسين (ت: 1973)، ومحمد حسين هيكل (ت: 1956)، وغيرهما . لم يسمع الأزهر لتحريض صاحب «المنار»، تقيداً بالعقيدة الأشعرية التي لا تُكفر ، و اكتفى بفصل عبد الرّازق من القضاء ، وإخراجه مِن هيئة العلماء . بعدها أُعيد له الاعتبار في إمامة أخيه مصطفى عبد الرّازق (ت:1947) للأزهر (1946)، ثم توزر للأوقاف (1948) (الإسلام وأُصول الحكم طبعة 2012 المقدمة). على أي حال ، حرك الكتاب المياه الراكدة ، والرجل يريده ديناً لا سياسة ، مستنداً إلى نصوص مِن القران والأحاديث وأقوال الخلفاء وأفعالهم ، ولأن فيه الحِجة ، فما زال يثير الجدل ، خصوصاً ومؤلفه مِن داخل المؤسسة الدينية . مرت مئة عام والحديث فيه وعنه جديد متجدد ، من اعتبره كتاب الضلال ، و من جعله فاتحة التنوير . مع أن أحمد شوقي (ت: 1932)، كان نصيراً للعثمانيين لكنه لم يعصم السياسة بالدين ولا العكس ، خلاف العاصمين الدين بالسياسة . قال : « مضت الخلافة والإمام ، فهل مضى/ ما كان بين الله والعبادِ / والله ما نسى الشهادة / حاضر في المسلمين ولا تردّد بادي »(الدّيوان)، فمِن دعاية الحزب الديني في الكسب عامة ، عِصمة الدين بالسياسة ، وهو ما نقضه و فنده الشيخ عبد الرزاق قبل مئة عام . |
الساعة الآن 04:57 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.